قال تقرير لمنظمة ارنست ويونغ، حمل عنوان "الطريق نحو الازدهار الاقتصادي"، إن الأردن "يمتلك حاليا أدوات نقدية ومالية لتسريع عملية النمو الاقتصادي، بعد التباطؤ الذي تبع العوامل الخارجية المتمثلة بالأزمات التي شهدتها المنطقة، الأمر الذي يستدعي إجراء إصلاحات هيكلية وقطاعية".
وأضاف التقرير الذي نتج عن منتدى جائزة رواد الأعمال 2018، ونشرته ارنست ويونغ أخيرا، وهي منظمة عالمية تتكون من مجموعة من الشركات الأعضاء، ومقرها الرئيس في لندن، إن "الاقتصاد العالمي يشهد تحولا بعد أن أصبحت الصين والاقتصادات الآسيوية الناشئة محركات رئيسة للنمو الاقتصادي، بسبب احتضان هذه الاقتصادات السريع للتكنولوجيا، وقدرتها على الاستفادة من العولمة والتكيّف معها"، مؤكدا أن الاقتصاد العالمي أصبح أقل اعتمادا على اقتصاد واحد، أو مجموعة اقتصادات رائدة، كما أصبح أكثر استقرارا، الأمر الذي يتطلب أن تتكيف وتتأقلم سياسات وجهود التخطيط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن ضمنها الأردن مع هذا التغيّر، وأن يكون لها دور استباقي فاعل.
وأشار الى أن بإمكان الأردن أن يولد نموا اقتصاديا، وأن يقدم المزيد من النمو، من خلال إقامة علاقات مع شركاء اقتصاديين غير تقليديين كالاقتصادات الآسيوية الناشئة، وتنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية والمالية والنقدية، عبر جذب وتشجيع الاستثمار، ودعم ريادة الأعمال، وتقليل الاعتماد على النفط.
وفي مجال الإصلاحات الهيكلية، ولتحقيق الرخاء الاقتصادي، دعا التقرير الأردن الى "تفعيل الإجراءات الخاصة بتعزيز الاقتصاد؛ مثل تطوير بيئة الأعمال، والبنية التحتية، وتسهيل الوصول إلى رأس المال والائتمان، حيث تعدّ هذه الإجراءات بالغة الأهمية في تمكين وتعزيز النمو في قطاعات التوظيف، والقطاعات المدرّة للدخل، كالصناعة والسياحة"، لافتا الى أن هناك حاجة ملحّة للعمل من أجل تسخير الوفرة في رأس المال البشري (الفرصة السكانية)، ومقارنة المعروض من المهارات والكفاءات مع ما هو مطلوب في سوق العمل، وتشجيع المشاركة في القوة العاملة حتى يتمكن النمو الاقتصادي من تلبية النمو المتوقع في القوى العاملة.
ومن بين الطرق الكفيلة بإطلاق العنان لهذه القدرات والإمكانيات غير المتحققة على أرض الواقع، معالجة العوامل التي تمنع أو تعيق النساء عن الانضمام لقوى العمل، لافتا الى أن التوصيات، لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، تتمثل في تسهيل وتشجيع برامج العمل بدوام جزئي، وتوفير دور رعاية وحضانة للأطفال، والاستثمار في قطاع النقل بهدف زيادة مستويات الأمان، وخفض تكاليف النقل، إلى جانب تعزيز رؤية المساواة، ومفهوم الأسر ذات الدخل الثنائي للتمكن من تحدّي عقلية الثقافة الحالية المتعلقة بعمل المرأة.
وقال التقرير: إن مبدأ التعقيد الاقتصادي، الذي يأخذ في الاعتبار مستوى المهارة والمعرفة الكامنين وراء مخرجات الإنتاج لدولة ما، ويضمن تنافسية وتكاملا ضمن سلسلة القيمة العالمية غير متوفر كثيرا في الأردن، لاسيما أن صادرات المملكة الرئيسة من الأسمدة، والمستحضرات الصيدلانية، والمنسوجات، لا تعد ضمن منتجات مبدأ التعقيد الاقتصادي، ما يعني أن هذه الصناعات كان لها أثر إنمائي محدود نسبيا على النمو الاقتصادي.
وفي هذا الصدد، أشار التقرير إلى ضرورة أن تركز الاستراتيجية الاقتصادية على دمج الأردن ضمن سلسلة التوريد العالمية، وتحديد أفضل الشركاء الذين يمكنهم المساعدة في تحقيق هذا الهدف، مع ملاحظة أن لدى الأردن حالياً اتفاقيات تجارية مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، والتي عادت بالكثير من الفوائد على الأردن في الماضي؛ لكن يتوجب في المرحلة الحالية، البدء بالنظر في كيفية تطوير مبدأ التعقيد الاقتصادي لتعزيز مشاركته بطريقة توافقية مع الاقتصادات الآسيوية الناشئة، وسلسلة القيمة العالمية.
وأضاف: إن السعي إلى إعادة تنشيط تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة يعد أمرا مهما في عملية تسريع النمو الاقتصادي، ما يتطلب مراجعة السياسات الحالية الخاصة بجذب الاستثمارات، بما فيها الشراكة بين القطاعين الخاص والعام والتي من شأنها تخفيف أعباء الإنفاق الحكومي على تطوير البنية التحتية والنفقات الرأسمالية، إلى جانب جذب المعرفة والخبرات إلى المملكة.
وأكد أنه عندما يتم دعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة بالشكل الصحيح، سنتمكن من استخدامها كمحركات ومحفزات للنمو؛ لذلك "ينبغي على الأردن أن يضع وينفذ البنية التحتية اللازمة لدعم نمو رياديي الأعمال، بالإضافة إلى دعم الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لزيادة حصتها في الاقتصاد، ولتعزيز الروابط والعلاقات بينها وبين الشركات الكبيرة".
وبين أن من شأن إصلاح السياسات المتعلقة بالطاقة، وضخ المزيد من الاستثمارات لتغيير مزيج الطاقة باللجوء إلى مصادر الطاقة النظيفة، تخفيف العبء على الاقتصاد الأردني في مواجهة تحولات أسعار الطاقة العالمية، وإتاحة المزيد من القدرة على التنبؤ المستقبلي بهذه التحولات، داعيا إلى تواصل هذه المساعي للبناء على الأهداف الحالية المتمثلة بتلبية 20 بالمئة من إجمالي استهلاك الطاقة في المملكة من الطاقة النظيفة بحلول العام 2020، والذي يشكل حاليا 7 بالمئة.
كما دعا الى الإسراع في عملية التحول، إلى مراجعة ومعالجة محدودية سعة الشبكة الحالية وعمليات تخزين الطاقة، حيث يتجاوز حجم توليد الطاقة قدرة الشبكة الحالية، ما قد يؤدي إلى خسارة الإنتاج الزائد عن الحاجة، ومراجعة آلية تسعير التعرفة الكهربائية الحالية، وضمان عدالة توزيع الدعم.
وأشار إلى ضرورة أن اللجوء إلى نموذج الشراكة بين القطاعين الخاص والعام أو نموذج البناء والتشغيل ونقل الملكية لتمويل وتشغيل مشاريع البنية التحتية المتصلة بنقل الوقود بما فيها خطوط أنابيب نقل النفط التي يمكن لها أن تقلل تكلفة نقل الوقود بنسبة تزيد على 75 بالمئة، والتوسع في استخدامات الغاز الطبيعي، لتنعكس إيجابا على تخفيض تكلفة الانتاج الصناعي وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية العالمية. (بترا)
16-آذار-2019 20:50 م